أحمد الشرع: حين تجلّى "تازة قبل غزة" في رئاسة سوريا

 أحمد الشرع: حين تجلّى "تازة قبل غزة" في رئاسة سوريا



بقلم: محمد الغمري (الشيخ جمجمة)


الذين ما زالوا يبيعوننا شعارات "الوحدة القومية" و"العدو الصهيوني المشترك" و"من المحيط إلى الخليج"، تفضلوا شوفوا رئيس سوريا الجديد، أحمد الشرع، وهو يصافح ترامب في الرياض وكأنه يلتقي مخلّص الأمة، لا زعيم الدولة التي دمرت بلاده لعقود!


سوريا الجديدة أعلنتها بصراحة: لا مقاومة، لا ممانعة، لا كذبة فلسطين أولاً. سوريا الآن تحكمها عقلية أحمد الشرع: رجل جاء من عمق الفصائل الجهادية، وها هو اليوم يوقّع على دفتر الشروط الأميركي – بنداً بنداً – بلا خجل، وبلا حساب للقضية التي طالما جرفت شعوباً وملايين في وهم التحرير.


تازة قبل غزة... تتجسد على أرض الشام!


صحيح أن العبارة مغربية الأصل، لكن مضمونها صار الآن سياسة سورية رسمية.

أحمد الشرع اختار: سوريا أولاً، المصالح الوطنية قبل الشعارات الخاوية، الأمن القومي قبل الهتافات الخشبية.

ترامب طلب منه خمسة شروط، من بينها ترحيل "المقاتلين الفلسطينيين" وتصنيفهم إرهابيين، والشرع... وافق.


والنتيجة؟

رفع العقوبات فوراً.

فتح الباب أمام الاستثمارات.

وصف أميركي للرئيس الجديد بأنه "رجل قوي".


أي والله، "رجل قوي"... لأنه فهم اللعبة! فهم أن الدول لا تُدار بالعواطف ولا بالشعارات المستهلكة. فهم أن زمن "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين" ولى، وجاء زمن "بالصفقات وبالعلاقات ننقذ بلادنا من الخراب".


لا تزايدوا علينا...!


قبل أن يصيح أصحاب "الضمير العربي" و"العداء للصهيونية"، نسألهم سؤالاً بسيطاً:

أين كنتم لما تحولت سوريا إلى خرابة؟ لما نامت دمشق تحت براميل بشار؟ لما باع النظام موانئه لروسيا ومطاراته لإيران؟


الآن فقط تذكرتم العروبة؟ لما ظهر رئيس جديد يحاول إنقاذ ما تبقى من وطنه؟!


المغرب يراقب... ولا يُملى عليه


أما المغرب، فله في هذه المتغيرات درس لمن أراد أن يتعلّم:

نحن أصحاب السيادة قبل أن يولد خطاب السيادة في إعلامهم، نحن من اختار "تمغربيت" عقيدةً ومنهجاً قبل أن يفكر غيرنا في معنى الوطن.


نحن لم ننتظر أحمد الشرع لنعرف أن القضية الفلسطينية ليست أغلى من قضايانا، ولم ننتظر ترامب لنكتشف أن القوة في القرار لا في القطيعة.

المغرب اليوم يصنع سياسته الخارجية وفق ميزانه الوطني، لا ينساق خلف العواطف، ولا يتورط في مزايدات لا تطعم شعباً ولا تبني وطناً.


فبينما تتقلب دول وتُسقط راياتها بشعارات خاوية أو بصفقات غامضة، يثبت المغرب أنه الدولة التي تحترم نفسها، وتحترم غيرها، لكنها لا تركع لأحد.


الختام: بين تازة وغزة... نختار الوطن


نعم، نحن في المغرب قلناها: تازة قبل غزة.

واليوم، سوريا قالتها دون أن تنطقها: سوريا فوق الجميع.


هل هذا خيانة؟ لا.

هل هو تطبيع؟ ربما.

لكنه، في النهاية، قرار سيادي لدولة مستقلة سئمت أن تكون وقوداً لمعركة غيرها.


وأحمد الشرع؟

قد يكون أول رئيس عربي يخرج من جلد الخطاب العاطفي... ليرتدي قميص الدولة.



ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.