العدالة والتنمية: نهاية الوهم ودفن حزب الندالة في قبر النفاق السياسي
حزب "الندالة" والتنمية: بن كيران والتجارة بالقضية الفلسطينية على حساب المغرب
بقلم محمد الغمري
عاد من كان بالأمس سببًا في أكبر نكسة سياسية شهدها المغرب في العقد الأخير، ليُطل علينا من جديد بخطاب يفيض نفاقًا وتناقضًا. عبد الإله بن كيران، زعيم حزب العدالة والتنمية، خرج بخطاب شعبوي لا يهدف إلا إلى تصفية حساباته السياسية، ولو على حساب مصلحة المغرب العليا.
من توقيع الاتفاقيات... إلى معارضتها؟
حين كان في السلطة، لم يتردد حزب العدالة والتنمية في التوقيع على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهو ما كان خطوة سيادية نابعة من إرادة عليا، مرتبطة بمصلحة المغرب ووحدته الترابية، خصوصًا الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. لم نسمع وقتها من بن كيران أو حزبه أي صوت معارض حقيقي، بل كانوا أول من سارع لتبرير القرار واعتباره "خدمة للمصلحة الوطنية".
واليوم، وبعد أن فقدوا السلطة والثقة، يعودون لينتقدوا هذه العلاقات نفسها، فقط لأنهم في موقع المعارضة. فهل مصلحة الوطن تتغير بتغير المواقع؟ أم أن القضية الفلسطينية لم تكن بالنسبة لهم سوى سلعة انتخابية رخيصة؟
خطاب بن كيران: إساءة للمغاربة باسم فلسطين
الأخطر في خرجة بن كيران الأخيرة لم يكن رأيه المتقلب في العلاقات المغربية الإسرائيلية، بل تطاوله على المغاربة أنفسهم، وكأنه أوصياء على الوطنية والكرامة. حاول أن يُقسم الشعب إلى "مؤمنين وخونة"، متاجرًا بالقضية الفلسطينية كعادته، ضاربًا بعرض الحائط وحدة الصف الوطني في وقت يتعرض فيه المغرب لحملات خارجية تستهدف استقراره وسيادته.
حملة انتخابية قبل الأوان
ما قاله بن كيران ليس إلا تمهيدًا لحملة انتخابية مبكرة، هدفها إحياء شعبية ميتة باستغلال العاطفة الدينية واللعب على أوتار القومية، لكنه نسي أن المغاربة اليوم أكثر وعيًا، ويعرفون أن العلاقات الدولية تُبنى على المصالح، لا على الشعارات الجوفاء.
المغرب أولاً... وتازة قبل غزة يا تجار الوهم
بن كيران ومن معه يريدون منا أن نضع غزة قبل تازة، وأن نرفع شعارات لا تطعم خبزًا، ولا تحرر أرضًا، فقط ليركبوا الموجة ويُصفّوا حساباتهم مع الدولة. عذرًا، لكن المغرب أولاً، وألف مرة قبل أي قضية خارجية. نعم، غزة في قلوبنا، لكن تازة، والراشيدية، والداخلة، وبني ملال، أولى من شعاراتكم المكرورة.
نحن مع فلسطين... لكن دون أن ننسى أن هناك مغاربة لا يجدون قوت يومهم، ولا علاجًا في مستشفياتهم. هل نتركهم ليخطب فيهم بن كيران عن القدس؟ وهل وُجدت الوطنية إلا لحماية الوطن أولاً؟ من أراد الدفاع عن فلسطين، فليذهب بنفسه إلى هناك، لا أن يجعلها قنطرة للعودة إلى البرلمان.
كفى نفاقًا... كفى متاجرة. المغرب ليس سلعة في حملتكم الانتخابية القادمة، ومن أراد فلسطين، فليبدأ أولًا بخدمة بلاده.
الخلاصة: لا عدالة ولا تنمية... بل نفاق سياسي دائم
العدالة والتنمية انتهى سياسيًا منذ أن أسقطته صناديق الاقتراع شرّ سقطة، وها هو بن كيران يحاول نفخ الروح في جثة حزبه، عبر زرع الفتنة وترويج خطاب مزدوج، يناقض نفسه كل مرة. لكن المغاربة اليوم لا يُشترون بخطاب ديني مُعلب، ولا يتاجرون بالقضايا الكبرى. من أراد فلسطين فليدعمها من ماله، لا أن يتخذها وسيلة للطعن في خيارات المغرب السيادية.

ليست هناك تعليقات